بالفيديو والانفوجراف .. مؤشر الديمقراطية يصدر تقريره عن الحراك الطلابى 2014 - 2015


تقديم ومنهجية المؤشر:

بصفته أحد المؤشرات الأساسية للديمقراطية في مصر، دأبت مؤسسة مؤشر الديمقراطية على مراقبة الحراك الطلابي، من خلال
دراسات وتقارير ومؤشرات احصائية دورية، ويأتي هذا المؤشر على رأسها.
وانتهج المؤشر في هذا الصدد منهجيته القائمة على الرصد المعتمد على مصدرين أساسين للمعلومات، وهما الراصدين الميدانيين بالجامعات المصرية، و الرصد الإعلامي لأخبار وفاعليات الحراك الاحتجاجي بالجامعات والمؤسسات التعليمية، وذلك من 5 صحف وجرائد مصرية متنوعة الملكية والسياسة التحريرية ( المصري اليوم – اليوم السابع – الشروق – الأهرام – الوطن )، كما اعتمد المؤشر على مقاربات وإحصائيات بتقارير سابقة له و كذلك على العهود والمواثيق الدولية المنظمة لحقوق الإنسان و الحريات الطلابية، وعلى العديد من الأدبيات والمراجع الخاصة بآليات التحول الديمقراطي.

الحراك الطلابي في مصر خلال العام الدراسي 2014 – 2015.

استمرارا لحراكهم الوطني الممتد على مدار 120 عاما، نفذ طلاب مصر خلال العام الدراسي 2014 – 2015 وعلى مدار ثمانية أشهر ( أكتوبر – نوفمبر – ديسمبر – يناير – فبراير – مارس – أبريل – مايو – يونية )، حوالي 807 احتجاجا طلابيا، بمتوسط 90 احتجاجا شهريا، و 3 احتجاجات يومية خلال عام دراسي استخدمت فيه الدولة كافة الوسائل الهادفة لإخماد هذا الحراك.
مثل نوفمبر أكثر شهور العام الدراسي احتجاجا بعدما شهد 226 احتجاجا طلابيا، تلاه أكتوبر بـ 209 احتجاجات، ثم ديسمبر بـ 134 احتجاجا، ومارس بـ 100 احتجاجا، في حين لاحظ المؤشر أن الفصل الدراسي الأول قد شهد 71% من الاحتجاجات الطلابية في حين تراجعت تلك الاحتجاجات بالفصل الدراسي الثاني لتصل لـ 235 احتجاجا بنسبة 29% من الاحتجاجات الطلابية خلال العام الدراسي.

على المستوى الكمي رصد المؤشر انخفاض أعداد الإحتجاجات الطلابية بنسبة 75% عن العام الدراسى  الأسبق (2013-2014 ) والذي شهد أكثر من 3000 احتجاجا طلابيا، لكن المؤشر لاحظ أيضا أن انخفاض أعداد الاحتجاجات لا تعكس أي نجاحات للإدارة التعليمية في مصر أو الأجهزة الأمنية بمختلف أشكالها.

الفاعلين بالحراك الطلابي .

استحوذ الطلاب الجامعيين على صدارة الاحتجاجات بعدما نفذوا 737 احتجاجا بنسبة 91% من الاحتجاجات الطلابية، بينما نفذ طلاب المراحل التعليمية قبل الجامعي 70 احتجاجا بنسبة 9% من الاحتجاجات الطلابية.
رصد المؤشر أن المظاهرات التي نظمها الطلاب الجامعيون انقسمت لثلاثة فئات أولها الاحتجاجات التي شهدتها الجامعات الحكومية وعددها 505 احتجاجات، وثانيها المظاهرات التي نظمها طلاب الجامعات الأزهرية و التي وصلت لـ 181 مظاهرة، وأخيرا الاحتجاجات التي نفذها طلاب الجامعات الخاصة والمعاهد و تقدر بـ 51 احتجاجا طلابيا.
عمت الاحتجاجات الطلابية 25 جامعة حكومية تصدرتها جامعة القاهرة التي شهدت 100 احتجاجا، تلتها جامعة الإسكدرية بـ98 احتجاجا، ثم حلوان 71 احتجاجا، ورابعا عين شمس بـ 51 احتجاجا، بالإضافة للاحتجاجات التي شهدتها الجامعات الخاصة والمعاهد المصرية.


مطالب الحراك الطلابي و أسبابه.

سيطر مطلب واحد على 57% من الاحتجاجات الطلابية وهو مطلب " الإفراج عن الطلبة المقبوض عليهم وعودة الطلبة المفصولين " وهو ما يعكس مجموعة من الدلالات التي تكمن أهمها في أن غياب الحكمة و انتهاج سبيل المواجهة الأمنية و القضائية للحراك الطلابى قد خلق قضية جديدة استحوذت على ثلثي احتجاجات الطلاب، بدلا من خلق حلولا للمشكلات الطلابية المتفاقمة بالأساس؛ ففي العام الدراسي الأسبق 2013-2014، كانت المظاهرات الطلابية يسيطر عليها في بداية العام المطالب المتعلقة بالإفراج عن الرئيس المعزول محمد مرسي، لكن المواجهات الأمنية و القبض على الطلاب وفصلهم قد خلق قضية جديدة خلال نفس العام ، وتفاقمت تلك القضية خلال العام السابق 2014-2015، لتسيطر على أغلب مطالب الاحتجاجات الطلابية، وليس هذا فقط بل أن تلك القضية يتضامن معها مختلف الطلاب من مختلف الإتجاهات السياسية ، أي أن المواجهة الأمنية و القضائية للطلاب المناصرين لجماعة الإخوان قد خلفت قضييتين كبرتين وهما اعتقال المئات من الطلاب و خلق قضية جديدة اتحد في التضامن حولها الطلاب من مختلف الإتجاهات السياسية ضد سياسات الدولة ومؤسساتها.
كالمعتاد اشتبك الطلبة مع مجموعة من القضايا السياسية والاجتماعية خارج الأسوار الجامعية فنفذوا 70 احتجاجا ضد الحكم ببراءة مبارك، و 26 احتجاجا إحياءا لذكرى أحداث سياسية و للمطالبة بالقصاص للشهداء الممتدين منذ ثورة 2011 وحتى الآن ، في حين نظموا 25 احتجاجا ضد الأحكام الصادرة بحق قيادات وأعضاء جماعة الإخوان، و 15 احتجاجا ضد أحداث الدفاع الجوي التي عقبت مباراة الزمالك، و 21 احتجاجا ضد الإرهاب والعنف.
سيطرت المشكلات اليومية التي يواجهها الطلاب على العديد من المطالب الاحتجاجية؛ حيث خرج الطلاب في 27 احتجاجا ضد مقتل زملائهم في أحداث عنف أو حوادث طرق، و 22 احتجاجا ضد الإجراءات الأمنية المشددة على الجامعات،  في حين نفذ الطلاب 11 احتجاجا ضد نتائج الإمتحانات، ناهيك عن عشرات الاحتجاجات للمطالبة بالالتحاق بالمدن الجامعية أو التظلم من نظام إداري بالجامعات أو نتائج الامتحانات أو غيرها من القضايا اليومية التي يواجهها الطالب في نظام تعليمي مهتريء.

أساليب وأشكال الحراك الطلابي :

انتهج الطلاب 18 شكلا /اسلوبا/وسيلة/آداة احتجاجية للتعبير عن مطالبهم و آرائهم، كانت في أغلبها سلمية بنسبة 95% ،و كانت أهمها المسيرات ، حيث شهدت الجامعات المصرية 242 مسيرة احتجاجية، وكانت التظاهرات ثاني أكثر الوسائل الإحتجاجية للطلاب الذين نظموا 229 مظاهرة طلابية، في حين نظم الطلاب 168 وقفة احتجاجية و 32 سلسلة بشرية و 26 معرضا للصور، 20 إضراب عن الدراسة/الامتحانات، و 13 تجمهر و 10 حلات قدموا بها شكاوى ، كما نظم الطلاب 9 عروض مسرحية احتجاجية، و 8 حملات لجمع التوقيعات و 6 اعتصامات.

لم تخل الاحتجاجات الطلابية من بعض مظاهر العنف حيث شهدت 34 حالة قطع طريق ، وحالتي انتحار ، ومحاولتين للانتحار.


مظاهر العنف التي شهدتها الجامعات المصرية :

شهدت الجامعات المصرية 218 حادثة عنف خلال العام الدراسي السابق، لكن المؤشر الأخطر هو أن قوات الأمن بمختلف أنواعها قد تسببت في أكثر من 70% من تلك الأحداث أو قامت بها بشكل مباشر حيث قامت قوات الأمن بفض احتجاجات الطلاب والتسبب بمشاجرات واشتباكات في 140 حادث عنف وشغب داخل الجامعات، كما فضت معرضا فنيا، وشاركت الطلاب في 10 وقائع اعتداء على صحفيين نفذ الأمن منهم حوالي 5-6 وقائع.

في حين أنه في غفلة من كافة الأجهزة الأمنية المتنوعة و الكثيرة بالجامعات المصرية ، تم زرع 13 قنبلة بالجامعات ولكن ابطل مفعولهم، وتم تفجير 6 قنابل داخل وعلى اسوار الجامعات.
كما شهدت الجامعات المصرية 24 حادث تكسير واشعال النيران بمبان او سيارات داخل الجامعة و 17 اشتباكا بين الطلاب المؤيدين للدولة و الطلاب المناصرين للاخوان ، في حين وقعت 3 اشتباكات بين الأهالي والطلاب على أثر محاولات الأهالي فض احتجاجات الطلاب بالقوة وهوه ما يحذر منه التقرير بشكل دوري.

خسائر الطلاب خلال العام الدراسي السابق :

رغم هذا الاهتمام المدعى بالحراك الطلابى، إلا أن الدولة المصرية بمختلف وكافة مؤسساتها سواء الحكومية أو المدنية أو الحزبية، لم تستطع أن تقدم للرأي العام أية إحصاءات رسمية أو صادقة أو دقيقة حول مئات الطلاب الذين تم القبض عليهم أو تعرضوا للمحاكمات، أو للتحقيقات القضائية أو الإدارية، أو من تم فصلهم وسجنهم أو من تم قتلهم وإصابتهم.
ورغم تضارب الأرقام وصعوبة الوصول لأي مصدر يعطي نسبا دقيقة لتلك الأعداد ، لكن المؤشر قد رصد حوالى600 حالة فصل للطلاب ، وأكثر من 1000 حالة إلقاء القبص على والتحقيق ومحاكمة طلاب، بشكل ربما يجعل الدولة المصرية هي الأكثر انتهاكا لحقوق الطلاب في الحرية في العالم، لأنه حتى الآن لم تذكر أية إحصائيات عن دولة قبضت على أكثر من 1000 طالب في حوالي 8 أشهر فقط بمعدل 125 طالب/ة شهريا.

ردود أفعال الدولة و سياستها تجاه الطلاب :

Ä  عمدت الدولة على انتهاج كافة الوسائل دون الإلتفات لأية ضوابط للقضاء على الاحتجاجات الطلابية، بداية من دفع المزيد من الأجهزة الأمنية للعمل داخل وخارج أسوار الجامعة بالشكل الذي جعل الجامعات المصري محاطة بـ 3 قوى أمنية مختلفة و هي الأمن الوطني و الأمن الإداري وأفراد أمن فالكون التي صرحت إدارتها بأنهم المتسسبون في انخفاض الحراك الطلابي واستطردت لتعطي تصريحات عن مدى انتظام حركة الجامعات المصرية بعد توليها مهامها الأمنية، لكن المدقق في الواقع سوف يلحظ أن قوات الأمن كانت المتسبب الأول في العنف الحاصل في الجامعات المصرية بعدما تسببت في 140 حالة فض لمظاهرات ونشوب اشتباك مع الطلاب، و حالة لفض معرض فني ، في حين تم ضبط داخل أسوار الجامعة 13 قنبلة كما انفجرت داخل أسوار الجامعات و أمامها 6 قنابل لتوضح كم الفشل الأمني الذي تسبب في 19 حادثة لزرع وتفجير قنابل في ظل وجود 3 قوات أمنية متنوعة بالجامعات، في حين قامت قوات الأمن المختلفة بالإعتداء على الصحفيين في أكثر من 5 حالات، كما نشبت 3 اشتباكات بين قوان أمن فالكون والأمن الإداري بشكل أظهر غيب للتنسيق بين تلك القوات، وبالتالي فإن الدفع بالمزيد من قوات الأمن داخل وخارج أسوار الجامعة لم يجلب للجامعة سوى المزيد من الاشتباكات والخسائر ولم يقيها من خطر المتفجرات.
Ä   قامت الإدارة التعليمية في مصر بتأجيل انتخابات الاتحادات الطلابية بالشكل الذي عمل على انتهاك حق أصيل من حقوق الطلاب في اختيار ممثليهم من الطلاب بشكل تقره اللوائح والقوانين المنظمة للعمل الطلابي و الجامعي، بشكل عكس تعمد الدولة في تشتيت الصوت الطلابي و تفكيك كافة مسارات التمثيل الطلابيى في مصر وهو ما خلق المزيد من الاحتقان داخل الجامعة المصرية وأفقدها عنصرا تفاوضيا هاما وأفقد الدولة آداة محورية للتواصل مع الطلاب.
Ä  رصد المؤشر العديد من الحالات التي مثلت انتهاكا صارخا لحرية الرأي و التعبير داخل الجامعات المصرية التي امتلأت بحالات لفصل الطلاب لمجرد كتابة آرائهم في مواقع إخبارية، أو التعبير عنها بالمحاضرات ، أو باستخدام وسائل التعبير المتنوعة، ويذكر أن كلية الإعلام جامعة القاهرة كانت أحد الجامعات التي مثلت رائدا في تلك الانتهاكات بعدما فصلت طالبة لكتابتها خبر على موقع إخباري، وفصلت طالبا لطلبه من استاذة جامعية خفض صوتها المرتفع حتى يتمكن من التركيز في الإمتحانات، وفصلت طالبا ثالث بعدما دعى زملائه للمطالبة بتغيير جدول الإمتحانات معتبرة ذلك شغبا و عنفا ، في صورة تعكس كم القمع الذي تتعرض له حرية التعبير بالجامعات المصرية.
Ä  القضاء المصري كان شريكا أساسيا في الأحداث الطلابية لكنه لعب دورا مزدوجا  بعدما أثارت بعض أحكامه العديد من الاحتقانات الطلابية ، في حين مثلت أحكاما أخرى انتصارات طلابية، وفق تصريحات الطلاب؛ حيث تعرض الطلاب في مصر للعديد من المحاكمات وأصدرت ضدهم عشرات الأحكام القضائية التي تراوحت بين المؤبد و عاما مع وقف التنفيذ، وكانت بمثابة عصا قوية لردع الطلاب المحتجين، ولكن بعض الأحكام التي قضت بعودة الطلاب المفصولين أو المتعلقة بالتنسيق مثلت انتصارات لهؤلاء الطلاب من بطش السلطة التنفيذية وإداراة الجامعات.
Ä  قالت محكمة القضاء الإداري " إن وزير التعليم العالى تعدى على اختصاص مكتب التنسيق ......... وأنه تجاوز حدود مسئولياته وكان يتعين عليه ألا ينزلق إلى هذا الخطأ الجسيم الذى يعد عبثاً بمستقبل الطلاب "
ودعت المحكمة  رئيس الجمهورية لمحاسبة رئيس جامعة دمنهور كما دعت المحكمة رئيس الجمهورية باعتباره السلطة المختصة بالتعيين بمحاسبة رئيس جامعة دمنهور لأنه أصدر إفادة للمحكمة بأن معامل الكلية على أعلى مستوى تزييفا للحقيقة وهى خالية، ما يعد مسلك مشين لطمس الحقائق أمام الرأى العام لإبراء ساحته مضحيا بمستقبل أبنائه من الطلاب – حسب وصف المحكمة في الدعوى رقم 8635 لسنة 15 قضائية ، والخاصة بمصير طلاب طب أسنان دمنهور والتي كشفت عبثا حقيقيا من قبل وزير التعليم العالي و رئيس جامعة دمنهور بمستقبل طلاب مصر و لكن لا يزال كل منهما في منصبه دون أي عقبات !!!
رغم أن الحراك الطلابي المصري هو تاريخ ممتد عبر أكثر من قرن من تاريخ هذا الوطن، إلا أن الدولة المصرية لا تزال تتعامل مع هذا الحراك بمبدأ صدامي هادف لإخماد تلك الحركة التي لم تستطع إدارة مصرية إخمادها منذ الملكية وحتى الآن، منتهجة في ذلك كافة وسائل التحجيم و المواجهة و القمع، في الوقت ذاته الذي لم تقدم الدولة فيه للطلاب أي مسار للتفاوض أو التعاون، و عمدت على انتهاج طريق واحد يعصف بحقوق الطالب ويزيد من الهوة بينهم وبين الدولة والمؤسسات الجامعية، و يدفع الطلاب لانتهاج أنشطة في إطار من السرية خوفا من البطش و هو ما عكسه التاريخ أنه في الغالب تنقاد تلك السرية لأعمال أكثر عنفا ضد الدولة و إدارتها، لذا فإنه من صالح الدولة و صالح المؤسسات التعليمية أن تتجه الدولة لتوفير المسارات القادرة على دعم حرية التعبير للطلاب داخل الأسوار الجامعية وبشكل معلن و متاح وقادر على احتواء و عم الطاقات الطلابية لا قمعها.
إن أعضاء هيئة تدريس الجامعات قد واجهوا العديد من المشكلات السياسية، لكنهم أيضا تورطوا وبشكل فج في تجاوزات أخلاقية و أكاديمية و إدارية و كانت قدوتهم في هذا ممارسات وزير التعليم العالي والعديد رؤساء الجامعات بشكل عكسته الأحكام الصادره ضدهم والحوادث المتهمين بها، لذا فإنه على الإدارة الحالية للدولة اتخاذ المزيد من الإجراءات التي تحجم من تلك التجاوزات من أو بحق أساتذة وإداريى ومدراء الجامعات المصرية، كما أنها عليها رفع كفاءة تلك المنظومة للحد الذي يسمح برفع كفاءة العملية التعليمية.


شكرا لك ولمرورك